"وباء صامت".. النفايات الإلكترونية تهدد صحة الأطفال بأمراض خطيرة
كشفت دراسة عن نتائج مقلقة، إذ تبين أن الأطفال المقيمين قرب مناطق معالجة النفايات الإلكترونية يواجهون خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم بمقدار أربعة أضعاف مقارنة بأقرانهم في مناطق أخرى.
ويأتي هذا الخطر نتيجة تعرضهم المستمر للمعادن السامة والمركبات العضوية المتطايرة التي تتداخل مع المسارات الأيضية المرتبطة بالأمعاء وتعطل آلية تنظيم ضغط الدم في الجسم.
أول دليل بشري يكشف تأثير البلاستيك الدقيق على الأمعاء والمزاج
وأجريت الدراسة في أكتوبر 2022، ونشرت نتائجها مؤخرا في مجلة Environment & Health. وشملت 426 طفلا من منطقة إعادة تدوير النفايات الإلكترونية في الصين، حيث خضع جميع المشاركين لفحوصات دقيقة شملت تحليل عينات البول وقياس ضغط الدم.
وباستخدام تقنيات متطورة، تمكن الفريق البحثي من قياس 18 معدنا ثقيلا و15 من مستقلبات المركبات العضوية المتطايرة، إلى جانب تحليل أكثر من 180 مستقلبا آخر.
وكشفت النتائج عن مشهد صحي مقلق، حيث سجلت الدراسة انتشارا لارتفاع ضغط الدم بين الأطفال بنسبة 12.7%، وهي نسبة تفوق بأربعة أضعاف المعدل الوطني البالغ 3.1%.
وعند التعمق في التحاليل الإحصائية، ظهرت ارتباطات واضحة بين مستويات المعادن في البول وضغط الدم، حيث ارتبط الكوبالت والغاليوم بشكل إيجابي مع ضغط الدم الانقباضي، بينما ارتبط السيلينيوم والقصدير بضغط الدم الانبساطي.
والأمر الأكثر إثارة للقلق أن التحليل الأيضي المتقدم كشف عن اضطرابات عميقة في المسارات الأيضية للأطفال، حيث ظهرت تغيرات ملحوظة في مسارات الأحماض الأمينية والأحماض الدهنية والستيرويد.

كيف يصل تلوث الهواء إلى القلب والدماغ؟
وحدد الباحثون مستقلبات محددة مثل الغلوتامين والكرياتين و"إن-فينيل أسيتيل-إل-غلوتامين ( N-phenylacetyl-l-glutamine)، أو اختصارا PAGln، تلعب دورا محوريا في هذه الاضطرابات.
وتشير هذه النتائج إلى أن التلوث الناتج عن النفايات الإلكترونية يؤثر على صحتنا بطريقة معقدة ومترابطة، حيث تحدث تغييرات في بيئة الأمعاء الدقيقة (الميكروبيوم) التي تلعب دورا محوريا في الحفاظ على صحتنا العامة. فعندما تتعرض أجسام الأطفال لهذه الملوثات، فإنها تحدث خللا في التوازن البكتيري الطبيعي في الأمعاء، ما يؤثر على قدرة الجسم على تنظيم ضغط الدم بشكل طبيعي. كما تتعطل العمليات الكيميائية الحيوية المسؤولة عن إزالة السموم من الجسم، ما يزيد من تراكم المواد الضارة ويؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم.
وعلى الرغم من أن الدراسة تشير إلى انخفاض مستويات معظم الملوثات مقارنة ببيانات سابقة من مناطق النفايات الإلكترونية، إلا أن العديد من المركبات العضوية المتطايرة ظلت مرتفعة، حيث تجاوزت متوسط تركيزات بعضها تلك المسجلة لدى الأطفال من المناطق الصينية الأخرى. كما استمرت مستويات المعادن مثل الروبيديوم والسترونتيوم والزرنيخ في التفوق على تلك المسجلة لدى الأطفال والعمال من دول أخرى.
فاكهة أكثر.. رئة أفضل: اكتشاف علمي يبرز فوائد الغذاء الصحي للرئة
وتسلط هذه النتائج الضوء على الحاجة الملحة لتدخلات عاجلة لحماية صحة الأطفال في هذه المناطق، حيث تشير الآليات المقترحة إلى أن الملوثات مثل البنزين والستايرين قد ترفع ضغط الدم من خلال الإجهاد التأكسدي وضعف وظائف بطانة الأوعية الدموية واختلال التوازن العصبي الصماوي.
وتؤكد الدراسة على أهمية إجراء دراسات طولية مستقبلية لتأكيد العلاقة السببية وتطوير استراتيجيات مستهدفة للحد من التعرض، خاصة من أنشطة إعادة تدوير النفايات الإلكترونية والبلاستيكية.
المصدر: نيوز ميديكال
إقرأ المزيد
التعرض اليومي للجسيمات البلاستيكية الدقيقة يسرّع خطر تصلب الشرايين
أظهرت دراسة أمريكية أن التعرض اليومي لجسيمات البلاستيك الدقيقة يزيد من خطر الإصابة بتصلب الشرايين.
تلوث الهواء يبطئ نمو دماغ الأطفال حديثي الولادة!
وجدت دراسة حديثة علاقة مقلقة بين تعرض الحوامل لتلوث الهواء وتباطؤ عملية نضج الدماغ لدى الأطفال حديثي الولادة.
آلية معقدة يدمر بها البلاستيك خصوبة الرجال
كشف باحثون عن الآلية التي تؤثر من خلالها الجسيمات البلاستيكية الدقيقة، الناتجة بشكل خاص عن أدوات المائدة البلاستيكية، على جودة الحيوانات المنوية.
علاقة مقلقة بين تلوث الهواء وزيادة خطر السمنة والسكري
كشفت دراسة دولية أن التعرض طويل الأمد لتلوث الهواء بالجسيمات الدقيقة يضعف الصحة الأيضية عبر تعطيل الوظيفة الطبيعية للدهون البنية في الجسم.
دراسة: العثور على "مواد كيميائية دائمة" في دماء 24 مسؤولا في الاتحاد الأوروبي
أظهرت دراسة أجرتها منظمة ChemSec السويدية بأنه تم العثور على مواد PFAS الكيميائية، والمعروفة أيضا باسم "المواد الكيميائية الدائمة"، في دماء 24 مسؤولا في الاتحاد الأوروبي.
عناصر منزلية قد تؤثر على الخصوبة وفرص الحمل
تكشف الدراسات الحديثة عن تزايد التعرض للمواد الكيميائية في الحياة اليومية، الموجودة في المنتجات المنزلية والمأكولات، وما يترتب على ذلك من آثار صحية محتملة.
التعليقات