ظاهرة شمسية تتكرر كل 100 عام.. كيف ستأثر عواصفها على الأرض؟
تشهد الأرض حاليا تحولا جوهريا في أنماط الطقس الفضائي، حيث تتجه التوقعات العلمية إلى عصر جديد من النشاط الشمسي المكثف خلال العقود القادمة.
وكشفت دراسة حديثة أجراها باحثون في المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي بولاية كولورادو عن أدلة دامغة على أن الشمس ستشهد زيادة ملحوظة في التوهجات والعواصف المغناطيسية، ما قد يؤدي إلى تأثيرات أقوى للطقس الفضائي على كوكب الأرض. وهذا قد يشكل تهديدا على التكنولوجيا الحساسة مثل الأقمار الصناعية وشبكات الكهرباء.

لحظة تاريخية .. رصد عاصفة رياح شمسية تسحق الدرع المغناطيسي للمشتري
وراجع فريق بحثي من "المركز الوطني لأبحاث الغلاف الجوي" في كولورادو بيانات أقمار صناعية تعود لعقود، وكانت تقيس كثافة الجسيمات المشحونة (خاصة البروتونات) حول الأرض. وهذه الجسيمات تأتي من الشمس وتبقى عالقة في ما يعرف بـ"أحزمة فان ألين الإشعاعية" التي تحيط بكوكبنا.
وأظهرت البيانات أن كثافة هذه الجسيمات كانت في ارتفاع مستمر خلال 45 عاما، حتى وصلت لأعلى مستوى في عام 2021، ثم بدأت في الانخفاض مع بداية نشاط الدورة الشمسية الحالية.
ويعتقد العلماء أن هذا مرتبط بظاهرة فلكية غامضة تعرف باسم "دورة غلايسبرغ" (Gleissberg Cycle)، وهي نمط متكرر من التغيرات في النشاط الشمسي مدته نحو 100 سنة، اكتشفه عالم الفلك الألماني فولفغانغ غليسبرغ عام 1958. ووفقا لهذه الدورة، تزداد قوة النشاط الشمسي على مدار أربع دورات، ثم تنخفض في الأربع التالية.
وتشير البيانات الحالية إلى أن الشمس قد تجاوزت للتو أدنى نقطة في هذه الدورة الطويلة، ما يعني أننا ندخل مرحلة تصاعدية ستستمر لعقود قادمة.
لكن المفارقة تكمن في أن هذه العواصف الشمسية المتوقعة تحمل في طياتها وجهين متعارضين. فمن ناحية، تهدد هذه الظواهر الكونية البنية التحتية التكنولوجية الحساسة على الأرض وفي الفضاء، حيث يمكن للتوهجات الشمسية القوية أن تعطل شبكات الطاقة وتشوش على أنظمة الاتصالات وتتلف الأقمار الاصطناعية. ومن ناحية أخرى، تؤدي هذه الزيادة في النشاط الشمسي إلى بعض الآثار الجانبية الإيجابية المدهشة، أهمها انخفاض كثافة الجسيمات المشحونة عالية الطاقة في الأحزمة الإشعاعية المحيطة بالأرض.

لقطات غير مسبوقة.. مسبار يرصد أقرب مشاهد على الإطلاق للرياح الشمسية
ويفسر العلماء هذه الظاهرة بأن زيادة النشاط الشمسي تؤدي إلى تسخين الغلاف الجوي العلوي للأرض، ما يسبب تمدده واتساعه. وهذا التمدد بدوره يعمل كدرع واق، حيث يصطدم بالبروتونات عالية الطاقة في الأحزمة الإشعاعية ويطردها إلى الفضاء الخارجي. وهذه العملية الطبيعية توفر حماية غير متوقعة للأقمار الاصطناعية والمركبات الفضائية، حيث تقلل من تعرضها للإشعاعات الضارة التي تسبب تآكل المكونات الإلكترونية وتزيد من مخاطر الأعطال التقنية.
لكن العلماء يحذرون من أن هذه الفوائد لا تعني أننا في مأمن من المخاطر. فخلال فترات الذروة الشمسية، ستكون الأرض أكثر عرضة للعواصف المغناطيسية المفاجئة التي يمكن أن تسبب اضطرابات كبيرة. وأحد هذه المخاطر هو ما يعرف بـ"السحبات الجوية"، حيث تؤدي العواصف الشمسية إلى تسخين وتمدد الغلاف الجوي العلوي، ما يزيد من مقاومة الهواء للأقمار الاصطناعية في المدارات المنخفضة ويجبرها على فقدان الارتفاع بسرعة.
وحدثت إحدى هذه الحوادث الخطيرة في مايو الماضي، عندما تسببت عاصفة شمسية في "هجرة جماعية" للآلاف من الأقمار الاصطناعية التي اضطرت لاستخدام محركاتها للعودة إلى مداراتها الآمنة.
ورغم هذه التحديات، يرى العلماء أن فهمنا الجديد لهذه الظواهر الكونية يفتح آفاقا مهمة لاستكشاف الفضاء. فمع انخفاض كثافة الإشعاعات في الأحزمة المحيطة بالأرض، ستقل المخاطر الصحية على رواد الفضاء، ما قد يسهل المهمات المأهولة الطويلة المدى.
المصدر: سبيس
إقرأ المزيد
ثقب شمسي ضخم يهدد الأرض وتحذير من عواصف مغناطيسية قوية نهاية هذا الأسبوع
أصدر مختبر علم الفلك الشمسي التابع لمعهد أبحاث الفضاء في الأكاديمية الروسية للعلوم تحذيراً من تدهور متوقع في الظروف الجيومغناطيسية على كوكب الأرض، بدءاً من يومي 13 و14 سبتمبر.
آثار تراجع النشاط الشمسي
يشير سيرغي بوغاتشيوف، مدير مختبر علم الفلك الشمسي في معهد بحوث الفضاء التابع لأكاديمية العلوم الروسية، إلى أن النشاط الشمسي، تجاوز ذروته مؤخرا.
تحذيرات من عواصف مغناطيسية
أعلن مختبر علم الفلك الشمسي التابع لمعهد بحوث الفضاء ومعهد فيزياء الشمس في أكاديمية العلوم الروسية، أن توهجات شمسية ستؤدي إلى حدوث عواصف مغناطيسية على كوكب الأرض اليوم 28 مايو.
بعد أشهر من الكارثة.. صور الأقمار الصناعية تكشف تحركات سطح الأرض عقب زلزال ميانمار
كشفت صور الأقمار الصناعية المخصصة لرصد الأرض تحولات أرضية كبيرة في وسط ميانمار في أعقاب الزلازل المدمرة التي ضربت المنطقة في مارس الماضي.
مهمة "بانش" الشمسية تلتقط مشاهد خلابة لـ"الفجر الكاذب"
أعلن علماء ناسا في 18 أبريل، عن نجاح مهمة "بانش" (PUNCH) الشمسية في التقاط أولى صورها الفضائية بعد إطلاقها في مارس الماضي، في خطوة مهمة نحو كشف أسرار الرياح الشمسية.
العاصفة المغناطيسية تصل إلى الأرض.. اضطرابات في الطاقة والاتصالات والملاحة
أعلن مركز "فوبوس" الروسي للأرصاد الجوية أن الأرض بدأت اليوم الأربعاء تتأثر بعاصفة مغناطيسية ناجمة عن التوهجات الشمسية.
طريقة بسيطة للسفر عبر الزمن!
كشف علماء الفلك عن حقيقة مذهلة مفادها أن البشر يقومون بشكل منتظم بما يمكن اعتباره شكلاً من أشكال السفر عبر الزمن، وذلك بمجرد النظر إلى النجوم في السماء ليلاً.
روسيا.. تطوير طريقة جديدة لإنتاج مكونات الألواح الشمسية
أعلن الباحثون من جامعة جنوب الأورال الحكومية تطوير طريقة جديدة لإنتاج المواد الضوئية والحصول على تقنيات خاصة بها، بما في ذلك تلك المستخدمة في تصنيع الألواح الشمسية.
التعليقات