حرب الغواصات.. كانوا ذئابا في البحر وسكارى في البر!
انتبه الألمان إلى أهمية سلاح الغواصات بعد اندلاع الحرب العالمية الأولى، واعتمدوا عليه في استراتيجيتهم البحرية. أدركوا أنهم بالغواصات يمكنهم خنق بريطانيا بقطع الإمدادات عنها.
بريطانيا العدو الرئيس لألمانيا في الحربين العالميتين الأولى والثانية كانت تعتمد على قوة بحرية سطحية ضاربة تعد الأكبر في العلم في تلك الحقبتين. وكانت بريطانيا أيضا تستورد الغذاء عن طريق البحر وتصلها الإمدادات من مستعمراتها ومن الولايات المتحدة بنفس الطريق، لذلك لجأ الألمان إلى سلاح الغواصات لاستنزاف خصمهم الأول.
شرعوا بداية الحرب العالمية الأولى في استخدام الغواصات بشكل محدود، إلا أنهم أدركوا أهمية هذا السلاح في قطع خطوط الإمدادات البحرية عن الجزر البريطانية.
فرضت ألمانيا القيصرية في 4 فبراير 1915، حصارا بحريا على بريطانيا، وأعلنت أنها ستغرق أي سفينة تبحر بالقرب منها، مفتتحة بذلك حرب الغواصات غير المقيدة.
على الرغم من أن الغواصات كانت محمية بدروع أقل بكثير من السفن السطحية وليس لديها القدرة على القتال المفتوح، إلا أنها أقل تكلفة من السفن الحربية ولا تحتاج إلى أطقم كبيرة، وهي قادرة على المناورة أكثر والهجوم من الأعماق.
أبحرت الغواصات الألمانية لاصطياد السفن الحربية والتجارية وكان الهدف الأول محاولة شل الاقتصاد البريطاني وتجويع العدو وإجبار لندن على الاستسلام.
تمكنت الغواصات الألمانية التي أدخلت عليها تحسينات تقنية خلال تلك الحرب، وأصبحت أكبر وقادرة لفترة أطول على العمل في الماء، من إغراق عدد كبير من السفن التجارية، إلا أنها فشلت في تحقيق هدفها النهائي بإجبار بريطانيا على الاستسلام، بل وأسهمت في دخول الولايات المتحدة الحرب إلى جانب بريطانيا بعد إغراق سفن أمريكية.
علاوة على ذلك، ابتكر الحلفاء في الحرب العالمية الأولى وسائل لمواجهة الغواصات الألمانية مثل الأسلحة المضادة للغواصات والشبكات البحرية لإعاقة حركتها والحد من خطرها. انتهت الحرب العالمية الأولى باستسلام ألمانيا، إلا أن النار بقيت تحت الرماد.
مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، أعادت ألمانيا تحت النظام النازي بناء أسطولها من الغواصات بطريقة أوسع تحت قيادة الأدميرال كارل دونيتز الذي كان برز بين ضباط الغواصات في الحرب العالمية الأولى. كان هذا الأدميرال من أشد المتحمسين لاستخدام الغواصات في حرب استنزاف جديدة ضد الحلفاء، وكان يؤمن بقدرة هذا السلاح على إجبار بريطانيا على الاستسلام.
أدخلت على الغواصات الألمانية في تلك الفترة العديد من التحسينات التقنية الكبيرة مثل تزويدها بأنظمة سونار متطورة وزيادة سرعتها وإطالة مدى عملها، كما تم بناء غواصات قادرة على العمل تحت الماء لفترة أطول، إلا أن هذا النوع دخل الحرب في وقت متأخر جدا.
استراتيجية "قطيع الذئاب":
الأمر الهام أن قائد سلاح الغواصات الألمانية، ابتكر استراتيجية "قطيع الذئاب"، وبموجبها تعمل الغواصات في مجموعات لمهاجمة السفن التجارية المبحرة في اتجاه بريطانيا.
بموجب هذه الخطة، كانت الغواصات الألمانية تعمل في مجموعات تتكون من 6 إلى 10 غواصات، وتترصد السفن المعادية الحربية والتجارية وتستفيد من سرعتها التي تزيد عن سرعة القوافل البحرية ومن قدرتها على الاختفاء تحت الماء، وتوجه ضربتها فجأة بعد محاصرة الفريسة بطريقة جماعية كما تفعل الذئاب.
كان عدد الغواصات الألمانية بمختلف أحجامها بداية الحرب العالمية الثانية لا يتعدى 57 قطعة، إلا أنها تمكنت في سبتمبر 1939 من إغراق 41 سفينة معادية.
نجاح أسطول الغواصات الألمانية في إغراق عدد كبير من سفن الخصوم، أجبر أدولف هتلر، زعيم النازيين الذي كان يتشكك في قدرة الغواصات حينها، على تغيير رأيه، فتم بناء خلال سنوات الحرب التالية 1108 غواصات أخرى.
ذروة عمل "قطيع الذئاب" كان في مارس 1943، حين جرت أكبر عمليات انقضاض للغواصات الألمانية الحقت خلالها أضرارا جسيمة بأربع قوافل بحرية للحلفاء، وتم إغراق 38 سفينة بحمولة ضخمة.
الذئاب الثملة:
عمل أفراد الغواصات الألمانية في ظروف صعبة للغاية خلال غاراتهم التي تنفذ في رحلات طويلة مرة كل شهرين أو ثلاثة أشهر، وكانوا يجدون راحتهم على الشاطئ في السكر الشديد للتخفيف من الضغوط الرهيبة تحت الماء. ولذلك عرفوا بشراهتهم في شرب الكحول وإدمانهم في البر.
خلال فترة الحرب العالمية الثانية، تمكنت الغواصات الألمانية من إغراق 2603 سفن للحلفاء بما في ذلك بارجتان و6 حاملات طائرات و5 طرادات و52 مدمرة، وأكثر من 70 سفينة حربية.
مع ذلك، خسرت ألمانيا النازية الحرب، ولم تتمكن "قطعان الذئاب" الألمانية من خنق بريطانيا وإجبارها على الاستسلام، فيما تمكن الحلفاء بالتدريج من الحد من خطر الغواصات الألمانية، ووجهوا ضربات قاصمة لها في المحيط الأطلسي بعد أن حشدوا في مواجهتها 3000 سفينة حربية معززة بحوالي 1400 طائرة.
المصدر: RT
إقرأ المزيد
جثة انتحاري وبقايا محرك بين حطام حاملة طائرات أمريكية!
تمكن طيار ياباني واحد من تنفيذ هجوم انتحاري فريد استهدف حاملة الطائرات الأمريكية " إنتربرايز"، صباح يوم 14 مايو 1945 بالقرب من جزر "ريوكيو" اليابانية.
90 عاما من عمر أول رادار!
مرت 90 عاما على إجراء الاختبارات الأولية لرادار مصمم على كشف الأجسام الجوية. الجهاز اخترعه الفيزيائي الأسكتلندي روبرت واتسون وات، وحصل حينها على أول براءة اختراع في هذا المجال.
بغداد بين المغول ولعنة الدم الملكي!
تعرضت بغداد بعد سقوطها في يد المغول في 13 فبراير 1258 إلى دمار هائل إلى درجة أن آثاره ومضاعفاته كانت ملحوظة بعد مرور قرن تقريبا حين زارها الرحالة ابن بطوطة.
جندوا الثعابين والعقارب وجعلوا الأرض تطلق النار على الغزاة!
حوّل الفيتناميون حياة الأمريكيين إلى جحيم في حرب طويلة. فشلوا بأحدث الأسلحة وأكثر الذخائر تدميرا، وانتصر الفيتناميون بقدرتهم على الحركة وتفننهم في تصيد أعدائهم.
جزار في خدمة الولايات المتحدة!
كان كلاوس باربي يحلم بأن يصبح قسيسا، إلا أن ظهور الزعيم النازي أدولف هتلر، قلب حياته رأسا على عقب، وحوله افتتانه بشخصيته وأفكاره حين كبر إلى جلاد، عُرف باسم "جزار ليون".
قصة العالم النووي كلاوس فوكس.. "لا تتحدثوا معي عن المال مرة أخرى"!
أسدى العالم النووي الألماني كلاوس فوكس الكثير من الخدمات الجليلة للاتحاد السوفيتي، وزوده بمعلومات سرية قيمة وفرت عليه الأموال والوقت لتصنيع قنبلته النووية الأولى في عام 1949.
نمور انتحاريون في البر والبحر!
فجرت حركة "نمور تحرير تاميل إيلام" خلال الحرب الأهلية في سريلانكا البنك المركزي في العاصمة الاقتصادية كولومبو في هجوم انتحاري، يعد الأكثر دموية خلال الصراع الذي تواصل حتى عام 2009.
سر "طبيب الموت" ولغز "عاصمة التوائم"!
يحيط بمدينة كانديدو غودوي الواقعة شمال البرازيل غموض من نوع خاص. في هذه المدينة تصل نسبة ولادة التوائم الى 10 بالمئة في حين أنها على المستوى العالمي لا تتعدى 1 بالمئة.
القبطان "لا أحد" و" نوتيلوس" وحقيقة التخاطر عن بعد!
ما الذي يمكن أن يجمع بين الفن والأدب والسلاح؟. قد يعتقد البعض أن الاثنين الأولين يختلفان عن الثالث، إلا أن الغواصة "نوتيلوس" جسدت مثل هذا الاجتماع لمجالات مختلفة ومتباعدة.
ساعتان غيرتا مفاهيم الحرب!
بعد ثلاثة أيام من هجومهم على قطع الأسطول الأمريكي الراسية في ميناء بيرل هاربور، وجه اليابانيون ضربة قوية للأسطول البريطاني في بحر الصين الجنوبي، غيرت مفاهيم الحرب البحرية.
التعليقات